قد تواجه بعض المسائل في منظومتنا الدينيَّة، نوعاً من الإهمال واللامبالاة، أو حتّى الرفض في بعض الأحيان؛ لافتقار هذه المسائل إلى الرصيد الكافي من الوثائق والمستندات التي تجعلها تكتسب الواقعيَّة والمقبوليَّة، وهو أمر له ما يبرِّره ضمن السياقات العلميَّة الصحيحة، وما تمّ التوافق عليه من آليات وأساليب معروفة.
ولكن المشكلة تكمن فيما لو تعرّضت مسألة من المسائل الحسَّاسة والمحوريَّة، إلى زخم من الرفض وعدم القبول مع ما تكتنزه من أدلّة وشواهد كثيرة تجعل منها حقيقة ماثلة في حيز الحقيقة والواقع، وذلك لأسباب وغايات تخرج عن الإطار العلمي، وتبتعد عن الإنصاف والموضوعيَّة، فتغيب بذلك عن مسرح التاريخ حقائق وأمور لها مساس مباشر بواقع المجتمع الإسلامي وبنيته الفكريَّة والدينيَّة، وحينئذٍ يتحتّم على الباحثين المنصفين النهوض بمسؤوليَّة بيان الحقائق، ونفض غبار الغموض والتشويش عن وجهها؛ لتأخذ حجمها الحقيقي ومكانتها الطبيعيَّة في أرض الواقع، وذلك من خلال جمع الوثائق والأدلّة وتنظيمها وترتيبها، ودفع الشبهات والإشكالات عنها.